responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 229
ووجود الأدعياء فى صفوف المجاهدين خطر على كتيبتهم إذ ينهزمون لأول معركة، فيسرى الخور منهم إلى الشجعان المغاوير، وإذن فمن الواجب فى بناء الكتيبة الأولى أن تكون سليمة اللبنات، قوية الأسس، ثابتة الدعائم، وإذن فلا بد أن يخرج من بين أفرادها ضعاف النفوس، ومجاهد والأقوال والألسن، وإذن لا بدّ من الاختبار والابتلاء حتى تتمحص الكتيبة، ولا يبقى فى مواجهة العدو إلا الثابتون المخلصون، وذلك ما كان.
سار الجيش فى مفازة قاحلة واجتاز صحراء قفر، فأخذ العطش من الجنود كل مأخذ، وأخذوا يعللون النفس بالماء يروون به الظمأ، وينقعون به الغلّة، حتى إذا ما تراءى لهم النهر من بعيد، ورأوا الماء يلمع، كأنه المرآة المجلوة، وأخذوا يتهيئون للرى، وإذا بأمر القائد العام: ألّا تشربوا، ولا يباح لكم من هذا الماء إلا غرفة واحدة لمن شاء، فمن خالف فليعتزلنا وليعتزل كتيبتنا، وليقعد فى بيته، وكانت تلك أول معركة بين الجنود وبين أنفسهم أولا، حتى إذا انتصروا على النفوس، ووثقوا بالعزائم كان ذلك عربون النصر على الأعداء.
بدأت المعركة فلم يثبت فيها إلا قليل، وصرع الظمأ الأدعياء، فذابت عزائمهم أمام حرارته، فانخزلوا عن الكتيبة، وبقى المجاهدون الثابتون، وقليل ما هم.

[النصر بالقلة المؤمنة لا بالكثرة الغافلة]
لا يضر الكتيبة قلة العدد ما دامت كثيرة الإيمان. وقف خالد فى حروب الردة أمام جيش مسيلمة؛ وفى جيش خالد أخلاط من أهل القرى والبوادى يكثر بهم السواد، وتذهب مع كثرتهم النجدة، فلما طال به الأمد ميّز الناس فلم يبق إلا المؤمنين الصادقين من الأنصار والمهاجرين، فكانت النصرة، وكان التأييد، ذلك أن الله لا ينصر بكثرة عدد ولا بكمال عدد، وله سبحانه وتعالى جند السماوات والأرض، ولكنه ينصر بالثبات والصبر.

[من عوامل النصر: الأمل]
بقى القلائل الثابتون من جيش طالوت وجاوزوا النهر، وعزموا على مناجزة عدوهم، وهم يعلمون أن عدوهم كثير العدد، كامل العدد، شديد البأس، وعلى رأسه جالوت القوى الشجاع.

اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 229
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست